AI يوفّر الوقت مقابل التنازل عن البيانات :Pro 10 Google Pixel
Thursday, 11-Sep-2025 06:50

أطلقت شركة «غوغل» هاتفها الجديد Pixel 10 Pro بسعر يقارب 1000 دولار، مقدّمةً إياه كأول هاتف ذكي يعتمد بصورة جوهرية على الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين في حياتهم اليومية. الفكرة الأساسية تكمن في جعل الهاتف قادراً على التنبّؤ باحتياجات مالكه، من خلال الوصول المستمر إلى بياناته الشخصية، بما يشمل جهات الاتصال والموقع الجغرافي والرسائل الإلكترونية والنصية، وحتى الصور والملاحظات. لكنّ السؤال المحوري يبقى: هل يستحق هذا المستوى من الراحة والتوفير في الوقت، التضحية بكل هذا الكَمّ من البيانات الخاصة؟

تجربة شخصية مع الهاتف

 

خلال أسبوع كامل من استخدام الجهاز، بدت مزاياه واضحة منذ اللحظة الأولى. حين وصلني مثلاً نصّ من صديقة تسأل عن موعد وصولي إلى نيو أورلينز لحضور زفافها، استخرج الهاتف تلقائياً تفاصيل رحلتي الجوية من بريدي الإلكتروني وأرسل الردّ المناسب.

 

وفي موقف آخر، بمجرّد أن اقترح عليّ أحد الأصدقاء مطعماً إثيوبياً قريباً، أظهر الهاتف خريطة الموقع فوراً. حتى عندما التقطتُ صورة لكلبي «ماكس»، اقترح الهاتف طريقة أفضل لتأطير اللقطة.

 

هذه المزايا العملية، على رغم من فائدتها، تطرح معضلة أساسية: وفّرتُ ثوانٍ معدودة، لكنّها كلّفتني التنازل عن كمّ هائل من المعلومات الخاصة.

 

Magic Cue: القلب النابض للهاتف

 

الميزة الأبرز في Pixel 10 Pro هي أداة جديدة أطلقت عليها «غوغل» اسم Magic Cue. تقرأ هذه البرمجية البريد الإلكتروني والرسائل النصية والملاحظات والتقويم ولقطات الشاشة، لتوليد ردود أو اقتراحات فورية. على سبيل المثال:

 

- عند تلقّي رسالة تطلب رقم هاتف صديق، تبحث الأداة في جهات الاتصال وتجهّز الردّ مباشرة.

- عند الاتصال بشركة طيران، تظهر تفاصيل الحجز لتسهيل الحديث مع موظف الخدمة.

- عند إضافة موعد لنزهة في عطلة نهاية الأسبوع، يظهر تطبيق الطقس التوقعات الخاصة بالمنطقة.

 

وفق ما أكّده المتحدّث باسم «غوغل»، ألكس موريتشوني، فإنّ الشركة اعتمدت «نهج الخصوصية أولاً»، إذ يجب على المستخدم الموافقة على مشاركة بياناته مع الأداة، على أن تُعالَج هذه البيانات محلياً داخل الهاتف من دون رفعها إلى خوادم الشركة.

 

إلّا أنّ التجربة العملية أظهرت أنّ الأداء غير ثابت. ففي إحدى المرّات، عندما اتصلت بشركة الطيران لمراجعة تفاصيل رحلتي، استخرجت الأداة أرقاماً خاطئة تعود إلى رسالة من تطبيق مالي شخصي، مرتبطة بالمبلغ المدفوع لا بالحجز نفسه. هذا الخطأ لم يقتصر على الإرباك فحسب، بل شكّل تذكيراً بمدى حساسية البيانات التي يمكن أن تُمسح أو يُساء استخدامها.

 

الكاميرا والذكاء الاصطناعي

 

أضافت «غوغل» أيضاً أدوات تصوير متقدّمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. من بينها ميزة Camera Coach التي تراقب المشهد وتقترح خطوات لتحسين التكوين.

عند تصوير ابنتي وهي تلعب بالفقاعات، طلبت مني الأداة تقريب العدسة وتفعيل تأثير لعزل الخلفية، فكانت النتيجة صورة محسّنة بلا شك، لكن كان بالإمكان الوصول إليها بالمحاولة الذاتية أيضاً.

 

الميزة الأكثر إثارة للجدل تكمن في أدوات التعديل الفوتوغرافي. يكفي كتابة طلب نصّي لتغيير مكوّنات الصورة بشكل جذري. ففي صورة التقطتها لطبق في مطعم، طلبت من الأداة إزالة يَد ظهرت في الخلفية، فاستبدلتها خلال ثوانٍ بمشهد طاولة مصطنع.

 

هذه التقنية مفيدة لِمَن يرغب بإزالة عناصر مشتِّتة، لكنّها تطرح تساؤلات أخلاقية حول تزايد الصور المزيّفة وانتشار الخداع البصري على الإنترنت.

 

الأبعاد الأوسع

 

يدفع هاتف Pixel 10 Pro النقاش نحو سؤال أساسي: ما الذي نكسبه مقابل ما نتنازل عنه في علاقتنا مع التكنولوجيا؟

 

في الماضي كان التبادل أوضح: للحصول على إرشادات عبر تطبيق الخرائط، كان المطلوب مشاركة الموقع الجغرافي فقط. أمّا اليوم، فالهاتف الذكي الجديد يطلب وصولاً شبه شامل إلى حياتنا الرقمية، مقابل تسريع بعض المهام الروتينية.

 

هذا التحوّل ليس قدراً محتوماً، بل رهن خيارات المستخدمين ومدى استعدادهم للمقايضة. بالنسبة لي، وعلى رغم من الإعجاب بجزء من المزايا، فإنّني لا أرى أنّ الهاتف بلغ مستوى المَوثوقية والكفاءة، الذي يُبرِّر التخلّي عن هذا الكَمّ من البيانات الشخصية.

 

نظرة نقدية

 

يرى خبراء التقنية، أنّ بريق الأدوات الجديدة قد يُخفي جوهرها الحقيقي. ويعتقد كريس جيليارد، مدير «معهد الدراسات النقدية للإنترنت»، إنّ «السحر الحقيقي في Magic Cue هو المراقبة». فحتى مع تعهّدات الشركات العملاقة مثل «غوغل» و»آبل» بحماية خصوصية المستخدمين، تبقى المخاطر قائمة مع توسّع صلاحيات هذه الأنظمة. وأضاف جيليارد أنّ «الجدران تنهار حين نمنح هذه الأدوات وصولاً كاملاً إلى حياتنا».

 

بشكل عام، هاتف يُمثل Pixel 10 Pro خطوة متقدّمة في دمج الذكاء الاصطناعي بالهواتف الذكية، مقدِّماً لمحة عن مستقبل قد يصبح فيه الجهاز أكثر من مجرّد أداة تواصل، بل مساعداً شخصياً متدخّلاً في تفاصيل الحياة اليومية. غير أنّ هذه الراحة تأتي بثمن مرتفع، يتمثل في فتح أبواب واسعة أمام المراقبة وتآكل الخصوصية.

 

القرار النهائي يعود للمستهلكين: هل يرغبون في توفير بضع ثوانٍ على حساب كشف تفاصيلهم الشخصية؟ بالنسبة إلى الكثيرين، الإجابة لن تكون سهلة.

الأكثر قراءة